أنماط التفكير الهندسي وحضورها في فلسفة سبينوزا

الملخص

حأول سبينوزا بناء منهجه الهندسي من خلال نمطاً فكرياً يكونه العقل ويفصح عن قدراته المكنونة، حيث أكد على تطهير العقل من الشوائب التي تشوه قدرته للوصول إلى اليقين .

         وقد خصّ سبينوزا منهجه الهندسي في كتابه (علم الأخلاق) حيث عرض افكاره من خلال القضايا المطروحة والتي تهم الانسان وتفكيره والبرهان عليها ، إذ اهتم بانفعالات الانسان وأخلاقه وحأول أن يرسم له طريقاً يسوده النمط الفكري الهندسي بالاعتماد على القياس والاستدلال والبرهان من أجل الوصول إلى اليقين وبالتالي الوصول إلى الكمال الانساني .

         وعدّ أن القدرة الالهية الجوهرية اللانهائية هي أساس جميع الموجودات، فالله هو الذي يبث القدرة والحياة في كل ارجاء العالم، لهذا سأوى سبينوزا بين الجوهر والوجود على أساس أن الطبيعة الطابعة (الجوهر) تنبثق منه الطبيعة المطبوعة (الوجود).

         من هنا كان تفكير سبينوزا عميق  ومترابط، إذ يسعى بنمطه الفكري الهندسي إلى الوصول إلى السعادة، وهذا النمط يسير وفق توجيه الفكر الخاضع لمعايير فكرية صحيحة والتي تحول القضية الموجبة إلى سالبة ثم يبرهن عليها بالخلف.

         ركز سبينوزا على فكرة الديمومة اللانهاية وجعلها من البنى الأساسية لكل الوجود لما في ذلك الانفعالات الموجودة في داخل الانسان وكل التحولات التي تطرأ على الوجود.

    وتبقى الديمومة التي تتضمن التحولات المستمرة نحو كمالات أكثر أو أقل والتي تتمثل في القدرات الفاعلة التي تضمن العالم المتوازي بشكل كامل ، أي ذلك العالم الذي ضم كل من الجوهر الفاعل والوجود المنفعل.

   ويتعلق النمط الهندسي بالقوة الكامنة فيها وفي الظواهر المحيطة بنا والتي غرسها الله والتي تمثل انعكاسا لقدرته الفائقة على الإبداع.

   وهذا يعني أنه كلما طور الإنسان عقله كلما ازداد فهما لقواه التي يمتلكها ولنظام الطبيعة، وبالتالي كلما ازدادت قدرته على توجيه نفسه ووضع أحكاماً لها ،وازداد وعيه لذاته وللوجود ككل. وهذه القدرة أودعها الله فيه من هنا كان عالمنا هو ذلك العالم المتوازي وفق وحدة الوجود ككل.