فضاء الساحة العمومي

الملخص

شكلت الساحة الفضاء الذي بدأت فيه جذور التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المهمة والمؤثرة من تظاهرات تتحول إلى احتجاجات، فصدامات تتحول إلى ثورة عارمة تزيح العوائق وتجبر السلطة على الاذعان لمطالبها أو تغير الشكل السياسي للسلطة وتأتي بغيرها، ويوضح التاريخ أن المشاركة في هذه الحركات الثورية لم تقتصر على مراكز حضرية منفردة، فقد امتدت روح الاحتجاج والتمرد في العديد من الحالات بشكل مذهل عبر شبكات الحضر؛ فربما تكون الحركة الثورية في عام 1848 قد بدأت في باريس، إلا أن روح التمرد قد امتدت إلى فيينا، وبرلين، وميلانو، وبودابست، وفرانكفورت، والعديد من المدن الأوروبية الأخرى، وتظهر خاصية الانتشار الثوري في الساحة فتمتد متجاوزة الرقعة الجغرافية التي تشغلها لتحرك مثيلاتها في باقي البلدان، لأن الساحة تمثل ذلك الفضاء الحر غير المقيد الذي يُشعر الأفراد بحريتهم وانعتاقهم من قيود السلطة، فإن ثارت ساحة ما في بلد ما ونُقلت أخبار هذه التحركات عبر وسائل الإعلام، فإننا سنلمس استجابة الساحات الأخرى في مختلف المدن والبلدان، التي كانت تنتظر الجذوة التي تحركها للانتفاض ضد السلطة التي تقهرها، فالحرية لغة تفاهم تجيدها وتتواصل بواسطتها الشعوب الحرة.

               شهد العالم تغييرات سياسية وإيديولوجية فارقة ازيحت بموجبها العديد من الأنظمة السياسية الدكتاتورية الحاكمة واستبدلت بأنظمة حاكمة ذات مظهر ديمقراطي خارجي ومحتوى أيديولوجي تبعي مقولب بحسب رؤية الآخر لمصلحته في هذا البلد أو ذاك.